أرشيف

الطفلة رفيدة.. قصة وجع لا تنتهي

أرخى الضمير الانساني سدوله.. وسلم اقدامه لأغساق الجشع والطمع.. طال صمتنا وتمادوا في سحقنا.. تسللت الآهات والاوجاع والانات والدموع الى عالمنا الصغير.. وما عادت الايام قادرة على اتحافنا بابتسامة فرح.. فاصبحت تهدينا في في كل لحظة فاجعة وما نكاد نفوق منها حتى تباشرنا بخير مشؤوم.. الحالات الموجعة والبشعة في مجتمعنا كثيرة.. لكن في حالة رفيدة عبدالله الهادي شيء مختلف.. دموع فجيعة وآلام رحيل من صنع مشرط الانسانية وسيف العدالة.. الاول ارسل رفيدة الى المقبرة والثاني دفن قضيتها في دهاليز المحاكم.. روتين وتسويف واتفاقات من تحت الطاولة تسير بالقضية نحو ملف (حفظ لعدم ثبوت الادلة).

عبد العالم الحميدي

قصة رفيدة ذات الـ 15 عاماً بدأت في مستشفى الخليل حين دخلته تسير على اقدامها ولا تشكو سوى المغص وآلام في البطن.. فتلقفتها يد الطبيب الروسي أولدر كرمينوف، شخص حالتها على انها (الزايدة الدودية) وقادها مباشرة الى غرفة العمليات، لم يقم بأي اجراءات متبعة عند اجراء العمليات اقلها قياس الضغظ واهمها تعقيم الادوات المستخدمة في اجراء العملية، لم يكن تشخيص الطبيب هو الخطأ فقط اذ لا تعاني رفيدة من الزايدة.. الامر الاخطر والابشع هو تسمم اعضاء رفيدة الداخلية، منها الكلى لان الطبيب استخدم ادوات غير معقمة في العملية.. هرب الطبيب ومساعدوه بعد فعلته تلك.. فهرع اهلها نحو مكتب الادارة وهناك واجهتهم الفاجعة بقول مدير المستشفى ابراهيم الخزان بكل برود (لا يوجد لدينا طبيب متخصص بحالتها الآن) وباستدعاء طبيبين متخصصين من مستشفى الثورة اتضح ان رفيدة بحاجة لغسل كلوي وتطهير الاعضاء المسممة، ولان مستشفى الخليل لا يمتلك جهاز الغسل الكلوي كان لزاماً نقلها الى مشفى اخر وبأسرع وقت ممكن لكونها قد دخلت في غيبوبة، غير ان مدير المستشفى قد عرقل امر نقلها بمطالبته بدفع ما تبقى من تكاليف العملية، وحتى بعد دفع بقية الفلوس ظهر مطب آخر في طريق انقاذ رفيدة حيث ان سيارة الاسعاف التابعة للمستشفى بلا بترول.. وبعد كل تلك المعاملة اللانسانية نقلت رفيدة لمستشفى خاص على امل النجاة من الموت.. لكن فات الاوان وتوفيت رفيدة بين ايدي اطباء عجزوا عن فعل شيء يذكر لها محملين من اجرى لها العملية السابقة المسؤولية.. طرق اهلها ابواب جهات الاختصاص لرفع شكوى ضد الطبيب الروسي ومستشفى الخليل وكانت وجهتهم الاولى المجلس الطبي الذي ادان الطبيب ومساعديه والمستشفى وقرر ايقاف الطبيب الروسي الذي اثبت انه لا يمتلك ترخيص مزاولة مهنة وليس مؤهلاً تأهيلاً كافياً بحسب ما اثبته تحريات النيابة المرفقة.. وبالنظر الى قرار المجلس الطبي نجده قد نص على التالي:

– ايقافه عن ممارسة اي عمل جراحي او علاجي في مستشفى الخليل او اي منشأة صحية في الجمهورية اليمنية فوراً والزام مستشفى الخليل بالعمل بالقرار.
 
– تغريمه الغرامة المالية المنصوص عليها في الفقرة (د) من المادة (33) من قانون مزاولة المهن الطبية والصيدلانية لحساب المجلس لمخالفته نص المادة (4) ولنص الفقرة (أ) والفقرة المساعدة (3) من الفقرة (ج) من المادة (21) من هذا القانون.
 
– احالته الى النيابة العامة مع ملف الشكوى للتحقيق معه باعتبار ان ما ثبت للمجلس بارتكابه من الاخطاء الطبية معاقباً عليه استناداً لنص الفقرة (ف) من المادة (10) من قانون المجلس الطبي والمادة (36) من قانون مزاولة المهن الطبية والصيدلانية. -ترحيل الطبيب اولدر كرمينوف خارج الجمهورية اليمنية استناداً لنص المادة (37)
من قانون مزاولة المهن الطبية والصيدلانية لمخالفته احكام هذا القانون على ان يتم الترحيل بعد حصوله على اذن المغادرة من الجهات القضائية.
 
– وقد سرت هذه العقوبات على اربعة اطباء آخرين تسببوا في وفاة رفيدة هم: اديب احمد الصايدي وباسم عبدالسلام خليل وحليم حميدوف واحمد محمد مثنى بالاضافة الى مستشفى الخليل..
 
– وفق لائحة المجلس الطبي فان قرارته ملزمة وتنفذ بدون اي مماطلات فقد يلزم بعضها قوة حكم قضائي كي تتأكد النيابة والمحكمة فقط من صدق ما ورد في التقرير وحالما تتأكد من ذلك فان الامر لا يحتاج سوى جلسات قليلة ويصدر القاضي حكمه.. – وبالفعل فان النيابة اكدت من خلال تحرياتها وتحقيقاتها صدق ما جاء في تقرير المجلس الطبي واقرت احالة المتهمين للقضاء ليقول كلمته.
 
– والخلاصة: هي ان المجلس الطبي وضمن العقوبات التي قررها نفذ ما هو له والمتعلق بالغرامات اذ ان المجلس يفرض غرامة مالية لصالح المجلس على كل طبيب او مستشفى ادين بارتكاب مخالفات طبية.. وبدفع المتهمين غرامات المجلس اقرار بارتكابهم الجريمة.. لكن المجلس تسلم الغرامات ولم يهتم بتنفيذ العقوبات الاخرى التي جاءت في قراره..
 
– القضية الآن امام المحكمة منذ سنة ولم تشهد حتى تحركاً طفيفاً، ظلت كما هي قضية معلقة والمتهمون يمارسون اعمالهم بكل اريحية والمستشفى فاتح ابوابه لضحايا آخرين آخرهم الطفلة: مها المخلافي المصابة بشلل بسبب عملية جراحية خاطئة.. ماتت رفيدة ومثلها كل يوم مريض آخر يموت.. فرفيدة ليست الاخيرة.. مالم نقل لمشارط الانسانية كفى عبثاً بالارواح..!


نقلا عن صحيفة الأمناء

زر الذهاب إلى الأعلى